الفصل 024 : الحفلة التنكرية 4# - رهان.

--------------------------------------

"حسنا، حسنا، حسنا... أنا مصدومة... يا (بيتر)."

استدار (أورين) مرعوباً لأن شخصا ما قد كشفه في الطابق الثالث وفي المكتب تحديداً. فوجدها (ياسمين)، قد دخلت ببطئ وأغلقت الباب من ورائها وهي تنظر إلى (أورين) بابتسامة ماكرة.

فقالت: "لقد كنت أبحث عن المفاتيح قبل فترة من الآن، أنت تعلم هذا. وبعد ذلك بدأت أسأل إن كان أي أحد قد رأى أي أحد يأخدهم. فأجابوني بالنفي وقالوا بأن فقط (جاك) البدين وأنت، الشخص الذي يرتدي درعا أخضر، الوحيدان من كانا هناك. وعندها فكرت : يجب أن يكون (بيتر)! ربما (بيتر) من أخدهم؟ لا، هذا لا يمكن أن يكون ذلك صحيحاً، لماذا سوف يفعل ذلك؟ فأنا بالكاد أعرفه!"

إقتربتْ من (أورين) ببطئ ثم وقفت مكانها ورفعت يدها وهي تنظر إلى أظافرها وابتسامة ماكرة تعلو وجهها وأكملت:

"ما لم... ما لم يكن من يتظاهر بأنه هو، بالطبع. ولكن... من يستطيع أن يكون غبياً للغاية حتى يقوم بهذا؟ هل أنا أعرف شخصاً غبياً لهذه الدرجة؟" فرفعت رأسها لتنظر مباشرة إلى (أورين) ولا تزال تلك الإبتسامة الخبيثة على وجهها، فشعر بأنها تنظر إليه مباشرة في عينيه على الرغم من أنه يرتدي قناعاً. وأكملت:

"آه... نعم، أنا أعرف شخصا بتلك المواصفات...... مرحبا... (أورين)."

لم يتفاجأ (أورين) عندما علمت بهويته، فقال لها مباشرة مستسلما: "حسنا، لقد كشفتني، أنا سوف أغادر الآن. تفضلي مفاتيحك."

أطلقت (ياسمين) ضحكة خافتة وماكرة وقالت له: "تغادر؟ أوه، لا، أنت لن تذهب إلى أي مكان، عزيزي. أنت ستبقى هنا حتى تأتي الشرطة."

عندما سمع (أورين) كلمة "شرطة" شعر بالذعر وبدأ يتملقها ويطلبها بأن تتركه يذهب.

"م-ماذا؟! أرجوك، دعينا لا نجعل الموضوع أكبر من حجمه. أنا لم أفعل شيئاً، أنا... أنا فقط... أردت حقاً أن أحضر إلى حفلتك و..."

لكن (ياسمين) لم تترك له المجال حتى يخترع كذبة جيدة ليلوذ منها فراراً، فقالت له:

"أرجوك أنت، توقف عن اخباري بقصصك العاطفية تلك، وفرها لنفسك حتى تصل إلى مركز الشرطة، يا عزيزي."

عندما انتهت أفكار (أورين) الغير مجدية، فكر في خطة أخرى وعلم بأنها قد تنجح على (ياسمين) بالضبط.

فقال لها: "هيا يا (ياسمين)، لقد حظينا بوقت ممتع من قبل، لقد كنتِ تتغزلين بي..."

لم يعجب ذلك الكلام (ياسمين) لأنها تحولت من موضع هجوم إلى دفاع من ذلك الكلام الذي يقوله لها.

فقالت بانزعاج: "يا إلاهي، هل أنت حقا تصدق ما قلته للتو؟ ...هذا شيء محزن."

"هيا، لا تخدعي نفسك، أنتِ حتى قمت بمدح مؤخرتي. نحن بإمكاننا فقط الإستمتاع بوقتنا، أنتِ تعلمين..."

ابتسمت (ياسمين) ووضعت يدها اليمنى على خدها وقالت: "هاها! عزيزي، أنا متعجبة من إحترامك لذاتك، ولكني امرأة لن تقدر عليها. أنت لن تستطيع معرفة حتى من أين تبدأ."

فأجاب (أورين) بثقة كاملة: "حسنا، أنا أعتقد بأنني أستطيع. أقول لك، بأني أستطيع جعلك تصرخين من شدة المتعة وفي أقل من 5 دقائق!"

بدأت تضحك (ياسمين) بقوة وهي غير مصدقة لما يقول، فقالت له:

"هاهاها؟ الآن هذه مزحة رائعة! أنت؟ أنت لن تصبر حتى لـ30 ثانية."

"هل تريدين الرهان؟"

أنزلت (ياسمين) ذراعها وابتسمت مجددا بمكر: "هاها، محاولة جيدة."

ولكن (أورين) كان يساير الخطة بشكل جيد حتى يستطيع الخروج من ذلك الموقف، فقال مؤكداً لها:

"أنا جاد، دعينا نقوم بذلك الرهان، إن كنتِ واثقة جدا بنفسك. أمهليني 5 دقائق... إن جعلتك تفقدين صوابك في أقل من 5 دقائق، سوف تدعيني أغادر ولن تقولي شيئاً لوالدك."

لكن (ياسمين) أجابته ساخرة: "أجل حسنا، بالطبع، يا مولاي. وإن خسرتَ أنت؟ هل سوف تمنحني 3 أمنيات مثلاً؟"

في تلك اللحظة تذكر (أورين) دليلاً يملكه ضدها ويستطيع استخدامه الآن بما أنه في موقف حرج، يمنك أيضاً أن يعرض عليها المساعدة بدلا من ذلك. فقال لها:

" إن لم أفعل... إن لم أفعل، سوف أعطيك جميع إختبارات هذه السنة التي لم نجتزها بعد. لدي حرية الوصول إلى حاسوب الآنسة (ويلسون). سوف تكونين قادرة على رؤية كل سؤال وستحصلين على علامات كاملة."

اختفت ابتسامتها وظهر عليها القلق فسألته: "...حاسوب الآنسة (ويلسون)؟ هممم، أجل، بالطبع. ولماذا عليّ أن أصدق ذلك؟"

فأخرج لها (أورين) بطاقته الرابح وقال لها: "أنا أعلم بأنك لا تبلين جيداً هذه السنة. أعلم بأنك فشلتِ في الرياضيات والتاريخ. أعتقد بأن كونك من عائلة كبيرة كعائلتك لهو ضغط كبير عليك، لهذا أرسلتِ للآنسة (ويلسون) رسالة على بريدها الإلكتروني تطلبين منها علامات إضافية."

بلعت (ياسمين) ريقها، ويبدو عليها الإنزعاج الشديد فقالت له: "كيف... كيف تعلم كل هذا؟"

"كما أخبرتك للتو، لدي حق الوصول إلى حاسوب الآنسة (ويلسون)."

لم تستطع (ياسمين) النظر إلى (أورين)، وأنزلت عينيها إلى الأرض وأخدت تفكر لأنها لا تملك خياراً فهو الآن سيجعلها تراهن معه إجبارياً حتى لا يفضحها. وهو يعلم بأنه في كلتا الحالتين، لو فاز بالرهان أو خسره فهو سيستمتع في آخر المطاف مع فتاة جميلة وغنية مثلها.

فنظرت إليه مرة أخرى بابتسامة يعلوها القلق والتوتر، وقالت له: "أنت مفاوض كبير الآن، هاه؟"

"أنا فقط أساعدك حتى تدركي أنكِ تريدين هذا أيضاً. أنا أقصد، نحن في حفلة، والجميع في حالة سُكر، ولكن ها أنتِ ذا، غير مشاركة في أي شيء مما يقام في هذه الحفلة، الليلة بأكملها. ما هو أسوء شيء قد يحدث؟ القيام ببعض الأشياء البذيئة فوق مكتب والدك؟ هل تظنين بأنه سوف يغضب؟"

توقفت (ياسمين) وهي تفكر، ومن ثم أجابت وهي تبتسم بخبث وبدا وكأنها تستمتع بذلك الحوار: "نعم... سوف يغضب..."

"حسنا، إن كان ذلك يزعجك، إذا..."

لم يكد (أورين) ليكمل كلامه حتى اقتربت منه (ياسمين)، مواجهاً لوجهها القريب جدا من قناعه وهي غاضبة، فقالت له:

"حسنا... أغلق ذلك الفم اللعين. أتعلم ماذا؟ لقد وجدتني في مزاج جيد. اليوم سيكون يوم حظك اللعين. سوف أعطيك تلك الـ5 دقائق، أيها الفتى اللعوب. لا تضيع ولا ثانية واحدة منهم..."

"هيهي، أنا أخطط لذلك بالفعل..."

***

وفي الوقت نفسه كان (مولوخ) مطأطِئاً رأسه، جالسا في مكان مجهول بعيد عن منزله، يدخن سيجارة وبجانبه سلاح ويتحدث إلى نفسه ووجهه خالي من أي وجود أي تعبير عليه:

"كل يوم يمر و(عشتروت) يفقد صبره أكثر فأكثر... وإذا فشلت، فأنا بالفعل قد رأيت ما هو قادر عليه. نحن إقتربنا جدا من هدفنا... هذه الأسابيع القليلة الماضية كنتُ بالكاد أرى عائلتي. كل هذا... كل شيء قمنا به... كل شيء قمت به... لقد كان من أجلهم... زوجتي... ابنتي... التي لم أعد أعرف شيئاً عن حياتها بعد الآن. ذلك الرجل الذي رأيتها تتحدث معه... هل من الممكن أنه حبيبها؟ ...لا أعرف شيئاً عنها..."

رفع رأسه ببطئ ووجهه يدل على أنه على وشك اكتشاف شيء ما:

"ذلك الرجل... صوته كان مألوفاً... لقد سمعته من قبل في مكان ما... ذلك الرجل..."

فبدأ يسترجع ذكرياته عندما إلتقى ب(أورين) لأول مرة في الكنيسة بينما يقارن صوته بصوت الشخص المقنع في الحفلة.

عندما أدرك الحقيقة، أسقط سيجارته وبقي صامتاً لوهلة وهو متسمر مكانه، فحمل سلاحه وخرج يجري مسرعاً.

***

بعد مرور دقائق قليلة، كانت (ياسمين) خرجت من مكتب والدها بعد أن أنهت ما كانت تفعله مع (أورين) الذي وعلى ما يبدو أنه فاز بالرهان. وبينما أغلقت الباب ببطئ توقفت قليلا وعقلها شارد، وكانت تحدّث نفسها:

(ذلك الوغد... لا أستطيع تصديق بأنني فعلت ذلك معه... على الرغم من ذلك يجب عليّ أن أعترف، أن ذلك كان مذهلا. لا أستطيع تصديق كم استمتعت بكل لحظة من تلك الـ5 دقائق، فقط لأننا قمنا بذلك فوق مكتب والدي.)

رفعت رأسها وعاد تفكيرها إلى الواقع، فاستدارت لتغلق قفل الباب ثم تذهب لتطرد الضيوف المتبقيين. حتى ارتعش جسدها بأكمله من الخوف عندما سمعت اسمها من ورائها. لقد كان والدها قد عاد مبكراً إلى المنزل، والذي يبدو مستغرباً من وجودها هناك، لكنها لم تستدر لتقابله وجها لوجه وظلت واقفة وهي خائفة جدا، تلعن حظها السيء.

كان والدها ينتظر ردا منها، فاستدارت وهي تتعرق وأجابته بارتباك:

"أ-أبي! ماذا تفعله هنا؟ اعتقدت أنك..."

لم يترك لها والدها المجال لتكمل كلامها، وسألها بكل صرامة ووجهه منقبض وغاضب:

"ماذا كنتِ تفعلين في مكتبي؟!"

أجابته: "لا شيء! كنت فقط أتحقق إن كان الباب مقفلاً!"

لكنه لم يكترث لذلك حتى وإن كان هو الذي سألها، فسألها السؤال الذي راوده عندما وصل إلى المنزل:

"وأين هو؟"

سألته (ياسمين) خائفة، وهي لا تعلم عن ماذا يتحدث.

"...م-من؟"

"ذلك الرجل الذي كنتِ تتحدثين معه في الحديقة."

أجابته مرتعدة: "...(ب-بيتر)؟ لا أعلم يا أبي، لم أره منذ ذلك الحين..."

"هل تعرفينه؟! هل تواعدينه؟!"

تلقائيا بعد سماعها لذلك السؤال حاولت أن تغطي عن (أورين) فقالت كاذبة:

"ماذا؟! لا! بالطبع لا! أنا... أنا بالكاد أعرف ذلك الشخص! نحن حتى لا نرتاد نفس المدرسة... اهمم... أعتقد أنه أتى من مدينة... (بريستول)؟ أنا حقاً لا أعلم... أقصد، ليس هناك أية علاقة بيننا."

تساءل والدها: "(بريستول)؟ هممم..." ثم رفع رأسه وحينها أدرك بأنه كان يخيف ابنته المسكينة عندما وجدها ترتجف خوفا منه، لأنه كان يسألها بصرامة تحت ضغط شديد. فقال لها بلطف: "حسنا صغيرتي، أنا آسف إن كنت قد أخفتك. يمكنكِ العودة إلى أصدقائك."

أجابت (ياسمين): "...حسنا أبي! لـ-ليلة سعيدة!" ثم ذهبت مهرولة لتخرج نفسها من هناك بسرعة.

ظل (مولوخ) الآن يفكر في طريقة ما لكي يقبض على (أورين). فهو مستاء لأنه فقط يملك إسمه الأول والمدينة التي جاء منها، والشيء الذي لا يعرفه أن كل تلك المعلومات خاطئة، وسوف تبعده شيئاً فشيئاً عن هدفه، هذا إن لم يلتقي بالصدفة ب(أورين) مرة أخرى، لأنه حينها لن يتردد وسوف يقبض عليه بدون شك.

***

عاد (أورين) إلى منزله وصعد إلى غرفته، بعد أن خرج من مكتب والد (ياسمين) وذهب لكي يكمل استمتاعه بالحفلة حتى شرب كثيراً وأصبح في حالة سُكر، وهو نادم لأنه شرب تلك الكؤوس النصف ممتلئة التي خلّفها أشخاص آخرون، والذين هم ايضا إنتهى بهم المطاف ساقطين فاقدين لوعييهم من شدة السُكر.

ألقى بنفسه على سريره بعد أن خلع زيّه وقمصيه، حيث كانت الساعة في تلك اللحظة مابين 7 أو 8 صباحا... وهو لا يشعر بأنه بخير وكأن رأسه يدور ويدور بدون توقف، حتى غط في نوم عميق بسرعة، وبدأ يخرج شخيراً طويلاً ولا أحد يعلم في أي ساعة سيستيقظ مجدداً.

يتبع..

2022/02/02 · 96 مشاهدة · 1518 كلمة
نادي الروايات - 2024